سلق
روى الترمذي وأبو داود ، عن أم المنذر ، قالت " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي رضي الله عنه، ولنا دوال معلقة ، قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل وعلي معه يأكل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه يا علي فإنك ناقه ، قالت فجعلت لهم سلقاً وشعيراً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي فأصب من هذا ، فإنه أوفق لك " . قال الترمذي حديث حسن غريب .
السلق حار يابس في الأولى ، وقيل رطب فيها ، وقيل مركب منهما ، وفيه برودة ملطفة ، وتحليل . وتفتيح ، وفي الأسود منه قبض ونفع من داء الثعلب ، والكلف ، والحزاز ، والثآليل إذا طلي بمائه ، ويقتل القمل ، ويطلى به القوباء مع العسل ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، وأسوده يعقل البطن ، ولا سيما مع العدس ، وهما رديئان . والأبيض يلين مع العدس ، ويحقن بمائه للإسهال ، وينفع من القولنج مع المري والتوابل ، وهو قليل الغذاء ، رديء الكيموس ، يحرق الدم ، ويصلحه الخل والخردل ، والإكثار منه يولد القبض والنفخ .
حرف الشين
شونيز
هو الحبة السوداء ، وقد تقدم في حرف الحاء .
شبرم روى الترمذي ، وابن ماجه في سننهما من حديث أسماء بن عميس ، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" بماذا كنت تستمشين ؟ قالت بالشبرم . قال حار جار " .
الشبرم شجر صغير وكبير ، كقامة الرجل وأرجح ، له قضبان حمر ملمعة ببياض ، وفي رؤوس قضبانه جمة من ورق ، وله نور صغار أصفر إلى البياض ، يسقط ويخلفه مراود صغار فيها حب صغير مثل البطم ، قي قدره ، أحمر اللون ، ولها عروق عليها قشور حمر ، والمستعمل منه قشر عروقه ، ولبن قضبانه .
وهو حار يابس في الدرجة الرابعة ، ويسهل السوداء ، والكيموسات الغليظة ، والماء الأصفر ، والبلغم ، مكرب ، مغث ، والإكثار منه يقتل ، وينبغي إذا استعمل أن ينقع في اللبن الحليب يوماً وليلة ، ويغير عليها اللبن في اليوم مرتين أو ثلاثاً ، ويخرج ، ويجفف في الظل ، ويخلط معه الورود والكثيراء ، ويشرب بماء العسل ، أو عصير العنب ، والشربة منه ما بين أربع دوانق على
حسب القوة ، قال حنين أما لبن الشبرم ، فلا خير فيه ، ولا أرى شربه البتة ، فقد قتل به أطباء الطرقات كثيراً من الناس .
شعير
روى ابن ماجه من حديث عائشة ، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أحداً من أهله الوعك ، أمر بالحساء من الشعير ، فصنع ، ثم أمرهم فحسوا منه ، ثم يقول " إنه ليرتو فؤاد الحزين ويسرو فؤاد السقيم كما تسروا إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها " . ومعنى يرتوه يشده ويقويه . ويسرو ، يكشف ، ويزيل .
وقد تقدم أن هذا هو ماء الشعير المغلي ، وهو أكثر غذاء من سويقه ، وهو نافع للسعال ، وخشونة الحلق ، صالح لقمع حدة الفضول ، مدر للبول ، جلاء لما في المعدة ، قاطع للعطس ، مطفئ للحرارة ، وفيه قوة يجلو بها ويلطف ويحلل .
وصفته أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدار ، ومن الماء الصافي العذب خمسة أمثاله ، ويلقى في قدر نظيف ، ويطبخ بنار معتدلة إلى أن يبقى منه خمساه ، ويصفى ، ويستعمل منه مقدار الحاجة محلاً .
شواء
قال الله تعالى في ضيافة خليله إبراهيم عليه السلام لأضيافه " فما لبث أن جاء بعجل حنيذ " [ هود ] والحنيذ المشوي على الرضف ، وهي الحجارة المحماة .
وفي الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها ، أنها قربت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنباً مشوياً ، فأكل منه ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال الترمذي حديث صحيح .
وفيه أيضاً عن عبد الله بن الحارث قال أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شواء في المسجد . وفيه أيضاً عن المغيرة بن شعبة قال ضفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فأمر بجنب ، فشوي ، ثم أخذ الشفرة ، فجعل يحز لي بها منه ، قال فجاء بلال يؤذن للصلاة ، فألقى الشفرة فقال " ما له تربت يداه " .
أنفع الشواء شواء الضأن الحولي ، ثم العجل اللطيف السمين ، وهو حار رطب إلى اليبوسة ، كثير التوليد للسوداء ، وهو من أغذية الأقوياء والأصحاء والمرتاضين ، والمطبوخ أنفع وأخف على المعدة ، وأرطب منه ، ومن المطجن .
وأردؤه المشوي في الشمس ، والمشوي على الجمر خير من المشوي باللهب ، وهو الحنيذ .
شحم
ثبت في المسند عن أنس ، ان يهودياً أضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم له خبز شعير وإهالة سنخة ، والإهالة الشحم المذاب ، والألية ، والسنخة المتغيرة .
وثبت في الصحيح عن عبد الله بن مغفل ، قال دلي جراب من شحم يوم خيبر ، فالتزمته وقلت والله لا أعطي أحداً منه شيئاً فالتفت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ، ولم يقل شيئاً .
أجود الشحم ما كان من حيوان مكتمل ، وهو حار رطب ، وهو أقل رطوبة من السمن ، ولهذا لو أذيب الشحم والسمن كان الشحم أسرع جموداً ، وهو ينفع من خشونة الحلق ، ويرخي ويعفن ، ويدفع ضرره بالليمون المملوح ، والزنجبيل ، وشحم المعز أقبض الشحوم ، وشحم التيوس أشد تحليلاً ، وينفع من قروح الأمعاء وشحم العنز أقوى في ذلك ، ويحتقن به للسحج والزحير .
حرف الصاد
صلاة
قال الله تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " [ البقرة ] ، وقال " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " [ البقرة ] . وقال تعالى " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " [ طه ] .
وفي السنن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا حزبه أمر ، فزع إلى الصلاة .
وقدم تقدم ذكر الإستشفاء بالصلاة من عامة الأوجاع قبل استحكامها .
والصلاة مجلبة للرزق ، حافظة للصحة ، دافعة للاذى ، مطردة للأدواء ، مقوية للقلب ، مبيضة للوجه ، مفرحة للنفس ، مذهبة للكسل ، منشطة للجوارح ، ممدة للقوى ، شارحة للصدر مغذية للروح ، منورة للقلب ، حافظة للنعمة ، دافعة للنقمة ، جالبة للحركة ، مبعدة من الشيطان ، مقربة من الرحمن .
وبالجملة فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب ، وقواهما ودفع المواد الرديئة عنهما ، وما ابتلي رجلان بعاهة أو داء أو محنة أو بلية إلا كان حظ المصلي منهما أقل ، وعاقبته أسلم .
وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا ، ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً ، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة ، ولا استجلبت مصالحهما بمثل الصلاة ، وسر ذلك أن الصلاة صلة بالله عز وجل ، وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها ، وتقطع عنه من الشرور أسبابها ، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل ، والعافية والصحة ، والغنيمة والغنى ، والراحة والنعيم ، والأفراح والمسرات ، كلها محضرة لديه ، ومسارعة إليه .
صبر
" الصبر نصف الإيمان " ، فإنه ماهية مركبة من صبر وشكر ، كما قال بعض السلف الإيمان نصفان نصف صبر ، ونصف شكر ، قال تعالى " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " [ إبراهيم ] والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وهو ثلاثة أنواع صبر على فرائض الله ، فلا يضيعها ، وصبر عن محارمه ، فلا يرتكبها وصبر على أقضيته وأقداره ، فلا يتسخطها ، ومن استكمل هذه المراتب الثلاث ، استكمل الصبر ، ولذة الدنيا والآخرة ونعيمها ، والفوز والظفر فيهما ، لا يصل إليه أحد إلا على جسر الصبر ، كما لا يصل أحد إلى الجنة إلا على الصراط ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه خير عيش أدركناه بالصبر . وإذا تأملت مراتب الكمال المكتسب في العالم ، رأيتها كلها منوطة بالصبر ، وإذا تأملت النقصان الذي يذم صاحبه عليه ، ويدخل تحت قدرته ، رأيته كله من عدم الصبر ، فالشجاعة والعفة ، والجود والإيثار كله صبر ساعة .
فالصبر طلسم على كنز العلى من حل ذا الطلسم فاز بكنزه
وأكثر أسقام البدن والقلب ، إنما تنشأ من عدم الصبر ، فما حفظت صحة القلوب والأبدان والأرواح بمثل الصبر ، فهو الفاروق الأكبر ، والترياق الأعظم ، ولو لم يكن فيه إلا معية الله مع أهله ، فإن الله مع الصابرين ومحبته لهم ، فإن الله يحب الصابرين ، ونصره لأهله ، فإن النصر مع الصبر ، وإنه خير لأهله ، " ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " [ النحل ] ، وإنه سبب الفلاح " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " [ آل عمران ] .
صبر
روى أبو داود في كتاب المراسيل من حديث قيس بن رافع القيسي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ماذا في الأمرين من الشفاء ؟ الصبر والثفاء " . وفي السنن لأبي داود من حديث أم سلمة ، قالت " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة ، وقد جعلت علي صبراً ، فقال ماذا يا أم سلمة ؟ فقلت إنما هو صبر يا رسول الله ، ليس فيه طيب ، قال إنه يشب الوجه ، فلا تجعليه إلا بالليل " ونهى عنه بالنهار .
الصبر كثير المنافع ، لا سيما الهندي منه ، ينقي الفضول الصفراوية التي في الدماغ وأعصاب البصر ، وإذا طلي على الجبهة والصدغ بدهن الورد ، نفع من الصداع ، وينفع من قروح الأنف والفم ، ويسهل السوداء والماليخوليا .
والصبر الفارسي يذكي العقل ، ويمد الفؤاد ، وينقي الفضول الصفراوية والبلغمية من المعدة إذا شرب منه ملعقتان بماء ، ويرد الشهوة الباطلة والفاسدة ، وإذا شرب في البرد ، خيف أن يسهل دماً .
صوم
الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن ، منافعه تفوت الإحصاء ، وله تأثير عجيب في حفظ الصحة ، وإذابة الفضلات ، وحبس النفس عن تناول مؤذياتها ، ولا سيما إذا كان باعتدال وقصد في أفضل أوقاته شرعاً ، وحاجة البدن إليه طبعاً .
ثم إن فيه من إراحة القوى والأعضاء ما يحفظ عليها قواها ، وفيه خاصية تقتضي إيثاره ، وهي تفريحه للقلب عاجلاً وآجلاً ، وهو أنفع شئ لأصحاب الأمزجة الباردة والرطبة ، وله تأثير عظيم في حفظ صحتهم .
وهو يدخل في الأدوية الروحانية والطبيعية ، وإذا راعى الصائم فيه ما ينبغي مراعاته طبعاً وشرعاً ، عظم انتفاع قلبه وبدنه به ، وحبس عنه المواد الغريبة الفاسدة التي هو مستعد لها ، وأزال المواد الرديئة الحاصلة بحسب كماله ونقصانه ، ويحفظ الصائم مما ينبغي أن يتحفظ منه ، ويعينه على قيامه بمقصود الصوم وسره وعلته الغائية ، فإن القصد منه أمر آخر وراء ترك الطعام والشراب، وباعتبار ذلك الأمر اختص من بين الأعمال بأنه لله سبحانه ، ولما كان وقاية وجنة بين العبد وبين ما يؤذي قلبه وبدنه عاجلاً وآجلاً ، قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " [ البقرة ]، فأحد مقصودي الصيام الجنة والوقاية ، وهي حمية عظيمة النفع ، والمقصود الآخر اجتماع القلب والهم على الله تعالى ، وتوفير قوى النفس على محابه وطاعته ، وقد تقدم الكلام في بعض أسرار الصوم عند ذكر هديه صلى الله عليه وسلم فيه .
حرف الضاد
ضب
ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنه لما قدم إليه ، وامتنع من أكله أحرام هو ؟ فقال لا ولكن لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه . وأكل بين يديه وعلى مائدته وهو ينظر " .
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا أحله ولا أحرمه ".
وهو حار يابس ، يقوي شهوة الجماع ، وإذا دق ، ووضع على موضع الشوكة اجتذبها .
ضفدع قال الإمام أحمد الضفدع لا يحل في الدواء ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها ، يريد الحديث الذي رواه في مسنده من حديث عثمان بن عبد الرحمن رضي الله عنه ، أن طبيباً ذكر ضفدعاً في دواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنهاه عن قتلها .
قال صاحب القانون من أكل من دم الضفدع أو جرمه ، ورم بدنه ، وكمد لونه ، وقذف المني حتى يموت ، ولذلك ترك الأطباء استعماله خوفاً من ضرره ، وهي نوعان مائية وترابية ، والترابية يقتل أكلها .
حرف الطاء
طيب
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " .
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر التطيب ، وتشتد عليه الرائحة الكريهة ، وتشق عليه ، والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى تتضاعف وتزيد بالطيب ، كما تزيد بالغذاء والشراب ، والدعة والسرور ، ومعاشرة الأحبة ، وحدوث الأمور المحبوبة ، وغيبة من تسر غيبته ، ويثقل على الروح مشاهدته ، كالثقلاء والبغضاء ، فإن معاشرتهم توهن القوى ، وتجلب الهم والغم ، وهي للروح بمنزلة الحمى للبدن ، وبمنزلة الرائحة الكريهة ، ولهذا كان مما حبب الله سبحانه الصحابة بنهيهم عن التخلق بهذا الخلق في معاشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأذيه بذلك ، فقال " إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق " [ الأحزاب ] .
والمقصود أن الطيب كان من أحب الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله تأثير في حفظ الصحة ، ودفع كثير من الآلام ، وأسبابها بسبب قوة الطبيعة به .